أخبار وطنية انعكاسات تراجع الحزب التركي على تونس والعرب
منذ خمس سنوات تقريبا، شهد العالم العربي تغييرات جذريّة وسلبيّة على صعيد الاستقرار والنمو وذلك بعد أن انتصبت مجموعات دينيّة متفاوتة التشدّد على عرش السلطة، بينما عمدت مجموعات ارهابيّة إلى محاربة الحكومات المدنية.. ولولا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونساء تونس وديمقراطييه لألحق هذا التيار المتطرّف الانهيار والدّمار بأغلب الشعوب العربيّة..
وفي هذا الإطار كان للحكومة التركية الخاضعة لحزب العدالة والتنمية الاسلامي دور في مساندة الحركات الاخوانية وذلك منذ فوزه في الانتخابات المحلية سنة 2002 الى غاية الانتخابات الأخيرة التي لم يفز فيها حيث أحرز على 225 مقعدا من جملة 550 وقد كان يطمح للفوز بـ400 مقعد بما يخوّل له إرساء نظام رئاسي يمكنه من فرض سيطرة مطلقة في تركيا! وفي ظلّ الوضع الجديد، ها انّه مجبر على التحالف مع أحزاب غير دينيّة ممّا سيحمله على تغيير سياسته الدّاخلية والخارجيّة اللتين أطلقتا يدي داعش وساندتا المتطرّفين في كل بلدان العالم العربي، ممّا أدّى الى تدمير سوريا وليبيا واشعال نيران الفتنة في مصر وتونس، في انتظار ان تتسرّب العدوى الى الجزائر لا قدر الله.. والسؤال الذي لابدّ من طرحه هو ما هي انعكاسات الانتخابات التركيّة على العالم العربي؟
لقد ساندت تركيا وقطر وإمامها القرضاوي الحركة العالمية للاخوان المسلمين والتي دعت الى الإطاحة بأغلب الحكومات العربيّة وفرض أنظمة دينيّة تخضع لأوامر أنقرة والدوحة، والى بعث قطب سياسي وديني سنّي في خدمة الدولتين، لكن بعد الخيبة التي مني بها حزب العدالة والتنمية نتيجة المعارضة العلمانية والوطنية والكردية للمشروع الدّيني لأوردوغان، ستتقلّص حتما حظوظ هذا المخطّط.. ومن المنتظر ان تبقى قطر الرّاعي الرسمي للاتحاد العالمي لـ«علماء» المسلمين علما انّ المملكة العربيّة السعودية ما فتئت تبدي مخاوف من تنامي تأثير حركة الاخوان المسلمين، فهي تعتبرها خطرا على استقرارها...
أمّا بالنسبة الى مصر، فسيخفّ ضغط الحكومة التركية وستتقلّص مساندتها للاخوان، علما انّ «حماس» تلعب دورا كبيرا في مساندة الرئيس المخلوع مرسي، وعلى العموم سيكشف المستقبل مدى تأثير حكومة أوردوغان على الوضع في مصر..
وبخصوص مساندة هذه الحركات وخاصة الداعشيّة منها في سوريا فانّ حكومة الائتلاف لن تسمح بمواصلة بث الفوضى والدمار والموت في الأراضي السورية.
وبالنسبة الى شمال افريقيا، فانّ مساندة الحكومة المقبلة للحركات الدّينية ربما لن تتواصل عبر القنوات الحكوميّة والرسميّة لكن من خلال دعم رجال أعمال أتراك «اخوانيين» ونافذين، وطبعا لن يكون الدعم بالحجم نفسه ولن تحمل سفن وطائرات تركية الذخيرة والأسلحة للمتشدّدين في ليبيا، ومن جهتها ستضطرّ النهضة ـ على سبيل المثال ـ الى تونسة نفسها أكثر والا عرفت مشاكل كبيرة بعد فقدان دعم أنقرة ومرور اتحاد العلماء المسلمين بأزمة وهذان معطيان جديدان يؤكدان أنّ عدد حلفائها بدأ يتقلّص.
مهما يكن من أمر، وحتى ان أدركت حركة دينيّة كرسي السلطة في بلد متطوّر ثقافيا فانه من مصلحتها عدم الاستيلاء على الحكم وتوظيفه لصالحها لأنّ ردود الفعل ورفض المجتمع المدني «لأسلمة» الدول يفرضان عليها الالتحاق بالوسطيّة واحترام ثوابت الدّيمقراطية.
المنصف بن مراد